الردود الدولية حيال استخدام العراق للاسلحة الكيماوية (2)
بالرغم من اجراء سبع عمليات تفتيش من جانب فرق تفتيش الامم المتحدة طوال الحرب المفروضة بين عامي 1984- 1988 تم ايفاد ست فرق إلي مناطق الخليج (مناطق الحرب) كما التقي فريق مع ضحايا الاسلحة الكيماوية المعالجين في المستشفيات في بريطانيا و بلجيكا و المانيا.(1) لكن مجلس الأمن الدولي اكتفي باصدار اربعة بيانات و قرارين:
1- بيان 30 مارس عام 1984 الذي اكتفي بإدانة استخدام الاسلحة الكيماوية.
2- بيان 25 ابريل نيسان عام 1985 اعترف باستخدام الاسلحة الكيماوية ضد القوات الايرانية.
3- بيان 21 مارس عام 1986 اعترف العراق لاول مرة فيه باستخدمه للسلاح الكيماوي و اذعن استخدام هذا السلاح.
4ـ بيان 14 ايار عام 1987 الذي اشار إلي اصابة المدنيين الايرانيين بالجروح اثر استخدام الاسلحة الكيماوية.
و قد اشارت مجموعة هذه البيانات إلي عدم احترام جانب الحياد من قِبل مجلس الأمن الدولي حيال الصراع الايراني العراقي. و إن مجلس الامن الدولي اضافة إلي صلة موضوع قراراته بالحرب الا انه تخلي عن الادانة الصريحة للحكومة العراقية و قد اضطر في بعض المجالات فقط من ذكر اسم العراق نظراً لاتساع الجرائم التي ارتكبها العراق. و لم يهتم بتقديم اية ضمانة تنفيذية لقراراته.
و في القرارين الذي ولّي فيهما مجلس الأمن اهتمامه بالاسلحة الكيماوية كان احدهما القرار رقم 612 الذي لم يذكر اسم العراق فيه باعتباره المستخدم لهذا السلاح، لكنه يطالب فيه كافة دول العالم بمواصلة رقابتهم الشديدة علي تصدير المنتجات الكيماوية المستخدمة في صنع الاسلحة الكيماوية لطرفي النزاع.
و القرار الآخر هو قرار رقم 620 و الذي يقول في مستهلة بأن استخدام السلاح الكيماوي ضد ايران قد اشتدّ و تكررّ. فهذا القرار بغض النظر عن النقائص الاساسية الملحوظة فيه، يعدّ اهم وثيقة يصدرها مجلس الأمن الدولي خلال الاعوام الثمانية من الاستخدام المتکرر للعراق للاسلحة الکيماوية ضد المدنيين و العسكرين الايرانيين. ففي هذا القرار يَعتَبر مجلس الأمن الدولي في قراره هذا لاول مرة استخدام الاسلحة الكيماوية و بشكل تلويحي نتيجتاً لعدم تقدم المفاوضات حول نزع الاسلحة الكيماوية اخذت بنظر الاعتبار المفاوضات الجارية في مؤتمر نزع السلاح بشأن الحظر الكامل و المؤثر لنشر الاسلحة الكيماوية و انتاجها و تخزينها و تدميرها. (2)
اعلن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن في تقريره السنوي الصادر في عام 1987م (التقرير المتعلق بعام 1986): رغم التقرير السنوي الصادر في عام 1986 عن هيئة الامم التحدة الموفدة و التي صرحت فيه استخدام العراق للاسلحة الكيماوية فإن مجلس الأمن الدولي لم يرغب بإدانة العراق بسبب اجرائاته هذه و كان عدم فرض الحظر المالي و العسكري علي النظام العراقي قد أدي إلي تجاسر هذا النظام.
و في البيان الذي اصدره الامين العام للامم المتحدة بتاريخ 28 مارس عام 1988 يقول خاوير برز دوكويار: من المؤسف لدينا الكثير من الشواهد بخصوص استخدام للاسلحة الكيماوية في الايام الاخيرة من جانب القوات العراقية و التي سببت الحاق اصابات كثيرة بالمواطنين في ايران و العراق(3). كما و إن بلدان العالم لم تخطُ بشکل مستقل اية خطوة مؤثرة في ردع العراق من استخدامه للاسلحة الكيماوية و عدم انتاج المزيد من هذه الاسلحة و عدم تطويرها في التصدي لهذه الجرائم العراقية غير اضطرارها لافشاء بعض المواضيع حول هذا الموضوع. (4)
كما و ادانت وزارة الخارجية الامريكية «رغم دعمها العملي للعراق» بتاريخ 19 فبرابر شباط عام 1986 النظام العراقي علي استخدامه للاسلحة الكيماوية ضد ايران و اعتبرت هذا الاجراء عدواناً كبيراً علي المجتمعات الدولية. من جانبه قال وزير الخارجية الاسترالي هايدن في شهر مارس آذار عام 1986: لا مُبرر لاستخدام هذه الوسائل الحربية الوحشية التي تعد انتهاكاً سافراً للحقوق الدولية و يشكل تهديداً ضد الأمن الدولي. (5)
كان واضحاً بأن هذه البيانات الفاترة و الغير مصحوبة بالاجراءات العملية لم تردع العراق. اضف إلي ذلك كان الدعم السرّي المقدم من جانب هذه البلدان للنظام العراقي البائد و تجهيزه مستمراً. و في عام 1988م اعترف طارق عزيز باستخدام السلاح الكيماوي في الحرب ضد ايران و اشار إلي الاتهامات التي يتعرض لها العراق حول استخدام الاسلحة الكيماوية و وجه اللوم للدول الاوروبية التي كانت قد انتقدت بغداد و قال إن البلدان الاوروبية هي التي وضعت الاسلحة الكيماوية في خدمة بلدان العالم الثالث. لكنها الان هي التي تذرف دموع التماسيح عند استخدام هذه الاسلحة.(6)
و كان السيد ولايتي قد اولي اهتمامه بهذا الوضع قبل ذلك في مؤتمر نزع السلاح. و كان قد اعلن بأن عدم اتخاذ موقف حازم من جانب مجلس الأمن حيال بروتوكول جنيف الموقع في عام 1925م من جانب العراق قد سبب زيادة تجاسر هذا النظام. (7)
و قد اكد خبراء الامم المتحدة في شهر مارس آذار عام 1986م علي هذه النقطة بالقول:
اننا نعتقد باننا علي المستوي الاختصاصي قد نفذنا كل ما يجب علينا تنفيذه في معرفة انواع العوامل و الاسلحة الكيماوية المستخدمة في الحرب الايرانية العراقية لكننا الآن نشعر بانه لم يبق اي عمل لم يتم تنفيذه من الناحية الفنية و التكنيكية يمكن أن يساعد الامم المتحدة في منع استخدام الاسلحة الكيماوية في النزاع الموجود. اننا نعتقد بأن الجهود المنسقة و الجماعية علي الصعيد السياسي من شأنها أن تكون مؤثرة في ضمان التزام الموقعين علي بروتوكول جنيف عام 1925بتعهداتهم . (8)
و قالت الاذاعة الامريكية: في عام 1988 اي ذلك العام الذي استخدم النظام العراقي الغاز السام ضد الاكراد قدمت منظمة العفو الدولية تقريرها المتعلق بالموضوع إلي الامم المتحدة لكن المؤسف هو قررت الامم المتحدة عدم التدقيق بشأن الاوضاع في العراق لأن الولايات المتحدة الامريكية غضت النظر عن انتهاك حقوق الانسان في العراق و لم تتابع الموضوع .
اذن يلاحظ ان عندما لايواجه استخدام الاسلحة الكيماوية الذي يشكل انتهاكاً سافراً و فاضحاً للقوانين الدولية رداً حازماً من جانب الحقوق الدولية فيكون من الواضح أن العلاقات التجارية فيما يتعلق بالاسلحة الكيماوية و التي لاتكون عادة علي شكل واضح و علني لاتثير الحساسية المؤثرة للحقوق الدولية في هذا المجال.
و لكن هل يعود عدم ردود الفعل المناسبة من جانب المنظمات الدولية حيال هذا الموضوع إلي انعدام وجود الانظمة الدولية بما يكفي في هذا المجال؟
المصادر:
1-Trevor findly- chemical weapon and missile prolifeacation (with implications for the asia palific regon (london Iunnr Rienner publisherd 1991-p.21.
2ــ قاسم زماني- مصدر سابق- صفحة 107.
3ــ سيد مرتضي خضري- رسالت مسؤوليت و آثار ناشر از كمك به طرفهاي متخاصم از ديدگاه حقوق بين المللي- جامعة الشهيد بهشت 1373- صفحة61.
4-Un/SSG/ 159.28 march 1988
5ــ حسين علائي- مصدر سابق- صفحة 178.
6ــ صحيفة جمهوري اسلامي ايران- 1/8/1367.
7ــ حسين علائي- مصدر سابق- صفحة 113.
8-Report of march 1986. UN.Doc.s/7911.atb.
الردود الدولية حيال استخدام العراق للاسلحة الكيماوية (1)
حجم أسلحة التدمير الإسرائيلية ، و أسباب الصمت الدولي عليها
مخاطر أسلحة التدمير الشامل الإسرائيلية على العالم العربي و الإسلامي
أنواع أسلحة الدمار الشامل