الردود الدولية حيال استخدام العراق للاسلحة الكيماوية (1)
بما أن الحقوق الدولية لم تبلغ بعد ذلك الحد من البلورة و الاستحكام كي تؤثـّر في المعادلات السياسية ؛ فإن من أهم العناصر المؤثرة في ايجاد وتبلور الحقوق الدولية هي العلاقات بين الدول. فعليه اننا سندرس في هذا المقال الوضع السياسي السائد علي العلاقات الدولية و المجتمع الدولي في زمن استخدام العراق للاسلحة الكيماوية لتتضح طبيعة الجو السياسي الحاكم علي الحقوق الدولية في ذلك الحين و ما يتوقع من ردود افعال مناسبة حيال كافة جوانب هذا الموضوع و منها تجارب الاسلحة الكيماوية.
ما من شك ان بالرغم من ايفاد الجرحي الكيماويين الايرانيين للعلاج إلي المستشفيات الاوروبية ، كانت الظروف السياسية و الدولية آنذاك تجري نحو اتخاذ جانب الصمت من قِبل المجتمعات الدولية.
يقول آدام رابرترس حول هذا الموضوع : كان تصور المجتمع الدولي في ابداء ردود فعله حيال مهاجمة ايران في عام 1980م و قصورهم في اتخاذ خطوة عملية حيال استخدام النظام العراقي للغازات الكيماوية و الاستمرار الفاعل لتجارتها حتي بخصوص السلاح كان يمکن اعطاء هذا الدرس لصدام بشكل جيد بأن بمقدوره غض النظر عن المنظمات و الحقوق الدولية و منها حقوق الحرب و يبقي مصاناً و مرتاح البال. (1)
صحيفة كيهان كتبت نقلاً عن ايندي بندنت: الدول الغربية التي كانت تخشي انتشار الاسلام المناضل من جانب ايران، سمحت للعراق استخدام الاسلحة الكيماوية في حربه ضدها. و اكدت هذه الصحيفة قائلة: إن الدول الغربية لم تستعد حتي لمعاقبة النظام العراقي بسبب استخدامه للاسلحة الكيماوية ضد الاكراد في العراق.(2)
و من جانب آخر في شهر فبرابرشباط عام 1982م و رغم المعارضة الشديدة من جانب الكونغرس الامريكي اخرجت ادارة ريغان اسم العراق من قائمة الدول الداعمة للارهاب و الممارسة له.
و كذلك طبقاً للوثائق التي اخرجها ارشيف الامن القومي الامريكي من التصنيف و نشرتها جامعة جورج واشنطن (3) وافقت امريكا علي الاقتراح العراقي بشأن عدم ذكر اسم اي بلد في قرارات و بيانات مجلس الامن الدولي باعتباره مستخدماً للاسلحة الكيماوية. اضافة إلي ذلك اعلن المسؤولون الامريكيون للمسؤولين العراقيين إن امريكا بالرغم من الموقف الحيادي التي اتخذته في الحرب لكنها ستنهج سياسة الدعم للعراق.(4) و قد كتبت صحيفة واشنطن بوست بعد عشرين عاماً في مقال تحت عنوان: امريكا كان لها دوراً اساسياً في صنع الاسلحة الكيماوية العراقية. قالت فيه: إن دعم امريكا للعراق مسجل في الوثيقة الادارية رقم 14 بتاريخ 16 نوفمبر عام 1983 لمجلس الامن الدولي.
كان هذا الاجراء احد القرارات في السياسة الخارجية في عهد ريغان و الذي مازال سرياً. و كما يقول المسؤولون الامريكيون تؤکد هذه التعليمات ضرورة قيام امريكا بكل مايلزم قانونياً لمنع هزيمة العراق في الحرب مع ايران. و قد صدرت هذه التعليمات من جانب الرئاسة الامريكية في ظروف كان يتم فيها نشر التقارير حول استخدام العراق للغازات الكيماوية. (5)
و جاء في هذا المقال نقلاً عن ديفد نيوتن (6) السفير الامريكي السابق في بغداد الذي عمل نحو رفع مستوي العلاقات بين البلدين من مستواها المتدني إلي اعلي المستويات : " مبدئياً كانت سياسة (بيع اسلحة الدمار الشامل إلي العراق) قابلة للتبرير. كنا قلقين حيال امكانية اندحار العراق في حربه ضد ايران لأن ذلك كان من شأنه أن تتعرض المملكة العربية السعودية و منطقة الخليج الفارسي إلي التهديد".
فعلي اية حال بمرور عقدين من الحرب بين ايران و العراق و في الوقت الذي كانت امريكا تبحث عن تبريرات مقبولة لمهاجمة العراق، فان نشر معلومات و وثائق متنوعة في العام الماضي يعكس هذا الواقع بأن النظام العراقي كان يحظي بدعم القوي و دول العالم في حربه ضد ايران فإضافة إلي تقديمهم المزيد من الاسلحة التقليدية كانت صناعة الاسلحة غير التقليدية و التجهز بهذه الاسلحة قد شهدا تقدماً ملحوظاً في برنامج التسلـّح العراقي.
« حيث أنّ في عام 1984 بلغ الأمر إلي تلك الدرجة التي جعلت الكثير من الدول في أعقاب عمليات استانتش ترفض بيع السلاح إلي ايران و تحول العراق إلي الأمل الوحيد للبائعين الدوليين للسلاح . و كان ينُظر للعراق خلال مدة الحرب باعتباره زبوناً شرعياً تماماً في حين كانت ايران قد طردت من الساحة الدولية و من سوق الاسلحة خاصة. و قد قام السيد غري ميلهالين (8) الاستاذ بجامعة ويسكانسين (9) الامريكية و مدير المشروع المناهض للبرنامج النووي في امريكا مع مساعده كلي موتز، (10) بنشر الكثير من المقالات في مجلات و صحف امريكية كصحيفتي وال استريت و نيويورك تايمز عدة مرات و ذكروا بأن سبب الاجتياح العسكري الامريكي الاخير للعراق كان يعود إلي الاخطاء الماضية. اخطاء كفسح المجال امام الدكتاتور و الاهم من ذلك تجهيز العراق بالاسلحة التقليدية و غير التقليدية، و يقولان اننا سنبعث ابناءنا إلي مكان كنا قد جهزناه سابقاً باسلحتنا.(11)
كانت مواقف المنظمات الدولية في هذا المجال ليست بافضل من مواقف الدول الاخري. و بالنظر إلي الطلب الذي وجهته الجمعية العامة للامم المتحدة في قرارها (12) الذي اصدرته في عام 1980 لاجراء التحقيقات المحايدة لدراسة الاتهامات المتعلقة باستخدام الاسلحة الكيماوية في مختلف مناطق العالم. لکن مجلس الأمن الدولي لم يتخذ اي اجراء عملي في هذا الجانب.
المصادر:
1ــ حسين شريفي طراز كوهي- من مجموعة مقالات حقوق الحرب، (از مجموعه مقالات حقوق جنك، الطبعة الاولي جامعة الامام الحسين، ص 196.)
2ــ صحيفة كيهان 6/1/1369هـ ش
3-Jouce battle- shaking hands with saddam hossein national security arcgive electonic briefing book number -25 feb 2003.
4ــ راجع الملحق رقم 1و2.
5-Washington post. News paper. 30 december 2002.
6-David newton
7ــ كنت آر. تيمرمن- سوداكري مرك- ترجمة احمد تدين- انتشارات خدمات فرهنگي رسا- عام 1373- صفحة 137.
8-Garru milhollin.
9-Winsconsin.
10-Kelly motz.
11ــ للمزيد من المعلومات راجع الموقع:www.iraqwatch.org
12-/un, res/ 35/144
الردود الدولية حيال استخدام العراق للاسلحة الكيماوية (2)
مخاطر أسلحة التدمير الشامل الإسرائيلية على العالم العربي و الإسلامي حجم أسلحة التدمير الإسرائيلية وأسباب الصمت الدولي عليها
خصائص أسلحة الدمار الشامل
أنواع أسلحة الدمار الشامل