• عدد المراجعات :
  • 10876
  • 3/6/2012
  • تاريخ :

الحياة الكريمة حق انساني

انديشه‌هاي من،زندگي من

ان من حق الانسان ان يتمتع بحياة كريمة في بلاده، ولا يمكن ان تتحقق مثل هذه الحياة في ظل الطبقية الاجتماعية التي اساسها الطبقية الاقتصادية ابدا، لان الطبقية تعني التمايز في الحياة بدرجة كبيرة جدا، فترى في المجتمع متخما يبذر ماله يمينا ويسارا على التوافه، فيما ترى آخر لا يجد قوت يومه الا في المزابل، فاية حياة كريمة هذه؟.

ان الدولة هي المسؤولة مباشرة عن ردم هذه الطبقية ما استطاعت الى ذلك سبيلا، ولا يمكن لها ذلك اذا كان الحاكم متخما، لان الشبعان لا يحس باذى الجائع ابدا، ولذلك فان من حق المواطن على الحاكم ان لا يراه متخما، ليطمئن على شعوره بالمسؤولية تجاهه، فلو كان الحاكم يعيش عيشة اوسط الناس لشعر بمعاناة شعبه، وبالتالي عمل على تغيير الواقع وتصحيح الخلل، اما اذا كان يتميز عنهم بالماكل والملبس والمركب، فكيف سيشعر بحاجة الناس؟ وكيف سيعمل من اجل اقرار الحياة الكريمة لعامتهم؟.

اذا كان الحاكم يمتلك القصور والفلل في شرق الارض وغربها، كما هو حال امراء اسرة آل سعود الفاسدة، فكيف يا ترى سيستشعر بحاجة شعبه؟ ولا نقول بحاجة المسلمين وهم الذين يعتبرون انفسهم حماة الدين وساسة المسلمين؟ لذلك انتشر الفقر في بلاد الحرمين والبطالة، وهي البلاد التي يقدر دخلها اليومي من عائدات البترول فقط باكثر من مليار دولار؟.

انظروا ماذا يقول امير المؤمنين عليه السلام بهذا الصدد:

ان الله تعالى فرض على ائمة العدل ان يقدروا انفسهم بضعفة الناس، كيلا لا يتبيغ بالفقير فقره.

ويقول عليه السلام في نص آخر:

الا وان لكل ماموم اماما، يقتدي به ويستضئ بنور علمه، الا وان امامكم قد اكتفى من دنياه بطمرية، ومن طعمه بقرصيه، الا وانكم لا تقدرون على ذلك، ولكن اعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد، فوالله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادخرت من غنائمها وفرا، ولا اعددت لبالي ثوبي طمرا، ولا حزت من ارضها شبرا، ولا اخذت منه الا كقوت اتان دبرة، ولهي في عيني اوهى واهون من عفصة مقرة.

ثم يضيف عليه السلام:

{ولو شئت لاهتديت الطريق، الى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز، ولكن هيهات ان يغلبني هواي، ويقودني جشعي الى تخير الاطعمة، ولعل بالحجاز او اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع، او ابيت مبطانا وحولي بطون غرثى، واكباد حرى، او اكون كما قال القائل}:

وحسبك داءا ان تبيت ببطنة     وحولك اكباد تحن الى القد

اقنع من نفسي بان يقال: هذا امير المؤمنين، ولا اشاركهم في مكاره الدهر، او اكون اسوة لهم في جشوبة العيش، فما خلقت ليشغلني اكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة، همها علفها، او المرسلة شغلها تقممها، تكترش من اعلافها، وتلهو عما يراد بها.

وهو عليه السلام ثبت هذا المعنى في عهده الى الاشتر لما ولاه مصر بقوله {واياك والاستئثار بما الناس فيه اسوة} اي ان من حق الرعية على الحاكم ان لا يتجاوز على المال العام، وان لا يحتكر الفرص لزبانيته واهله وعشيرته ومحازبيه ويحرم الناس منها، بغير عدل وبغير دليل دستوري او ديني او عقلي او منطقي.

ان من حق الرعية ان ترى اهتمام الحاكم بحياته، وبما تعانيه بسبب الحاجة، وان من حقها ان تحس بمشاعره تجاهها، ولا يمكن ذلك اذا اقام الحاكم في برجه العاجي لا يعرف عن معاناة الناس شيئا، على طريقة تلك الملكة التي سالت عن سبب تظاهر شعبها ضد الحكومة، فقيل لها بانهم يتظاهرون ضدها لانهم لا يجدون خبزا ياكلونه ويسدون به رمقهم، فقالت: لياكلوا كعكا، اذن.

انديشه‌هاي من،زندگي من

اذن، فان من حق الرعية على الراعي ان يتحسس آلامها ويعيش معاناته ويتذوق من مرارة فقرها، فاين حكام البلاد العربية والاسلامية اليوم من كل هذا؟ فبعد ان انطبق عليهم آخر قول الامام عليه السلام فتحولوا الى بهائم مربوطة الى شهواتها، ومرسلات تلهثن وراء مصالحها الدنيوية، لم يعد الحاكم يستحق ان يمكث في السلطة اكثر من هذا، ولا بد من ازاحته باية طريقة من الطرق، فالى متى يبقى مثل هؤلاء الحكام، خاصة الاسر الفاسدة الحاكمة في دول الخليج وعلى راسها اسرتي آل سعود وآل خليفة، في السلطة، ينهبون ويفسدون ويتقممون ويعتلفون بلا اي رادع، فيما يموت ثلث اطفال المسلمين من الجوع والمرض والخوف؟.

ان كل مواطن له الحق على الحاكم ان يضمن له الحياة الكريمة في ظل الامن وفرص العمل والتعليم والصحة وغير ذلك، بغض النظر عن دينه او اثنيته او خلفياته السياسية او الفكرية والثقافية، ولذلك فعندما وردت اخبار غارات جنود معاوية بن ابي سفيان على اطراف الدولة، ومنها الانبار، وقف الامام خطيبا ليقول:

وهذا اخو غامد وقد وردت خيله الانبار، وقد قتل حسان بن ثابت البكري، وازال خيلكم عن مسالحها، ولقد بلغني ان الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة، والاخرى المعاهدة، اي غير المسلمة لا فرق، فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورعثها، ما تمتنع منه الا بالاسترجاع والاسترحام، ثم انصرفوا وافرين، ما نال رجلا منهم كلم، ولا اريق لهم دم، فلو ان امرأ مسلما مات بعد هذا اسفا ما كان به ملوما، بل كان به عندي جديرا.

ان تحقيق الامن الذي يفضي الى حياة كريمة، هو من حقوق المواطن على الحاكم، بلا تمييز بالمطلق، لدرجة ان الامام يعتبر ان من يموت من المسلمين كمدا لسماع مثل هذه الاخبار المؤسفة التي لحقت بغير المسلمين، شهيدا، لانه يستنكر عدوانا على حق من حقوق الرعية في ظل الحاكم العادل.

حتى قاتل الامام له حق الامن في ظل الدولة العادلة، فهو لم يجز، مثلا، التمثيل به بعد قتله، ولذلك اوصى عليه السلام اهله خيرا بقاتله المجرم، مع عظم الجريمة التي اقترفها بحق الاسلام والمسلمين وبحق الامام واهل بيته، فاوصاهم بقوله {انظروا اذا انا مت من ضربته هذه، فاضربوه ضربة بضربة، ولا تمثلوا بالرجل} وعندما سال المجرم قاتل امير المؤمنين عليه السلام الامام الحسن السبط عليه السلام: ما الذي امرك به ابوك؟ اجابه الحسن السبط عليه السلام بقوله {امرني الا اقتل غير قاتله، وان اشبع بطنك، وانعم وطاءك، فان عاش اقتص او عفى، وان مات الحقتك به} فقال المجرم: ان كان ابوك ليقول الحق ويقضي به في حال الغضب والرضى.

ان الجريمة، مهما عظمت، لا تمنح الحاكم يدا مبسوطة يفعل بالمجرم كيفما يشاء ابدا، فلكل امرئ حقوقا ولكل جريمة حدودا لا يجوز للحاكم العادل ان يتجاوزها، ولذلك اوصى امير المؤمنين عليه السلام اهله بعد ضربة ابن ملجم بقوله {يا بني عبد المطلب، لا الفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضا تقولون: قتل امير المؤمنين، الا لا تقتلون بي الا قاتلي} فالجريمة مهما عظمت في السماوات والارض فان للقصاص من صاحبها حدود لا يجوز لاحد ان يتجاوزها بذريعة او باخرى، كما يفعل اليوم الطغاة فيمحون بلدة كاملة عن بكرة ابيها لان رصاصة انطلقت من سطح احد بيوتها استهدفت (القائد الضرورة) كما فعل الطاغية الذليل صدام حسين في مدينة الدجيل في بداية عقد الثمانينيات من القرن الماضي.

 

اعداد وتقديم: سيد مرتضى محمدي

القسم العربي - تبيان


الدولة العادلة هي حق انساني

دور الأمم المتحدة في صيانة حقوق الإنسان

حقوق الإنسان في نظام الجمهوريه الإسلاميه

رؤية الإمام علي ( عليه السلام ) لحقوق الإنسان

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)