• عدد المراجعات :
  • 1002
  • 12/17/2011
  • تاريخ :

الإمام الحسين عليه السلام وامتحان الاختيار

الإمام الحسين عليه السلام وامتحان الاختيار

والإمام الحسين عليه السلام بطبيعة تكوينه كأي مخلوق إنساني فُطر في خلقه الاختيار كأي إنسان، وقد امتُحِنَ عليه السلام بالتخيير في أوج حياته الرسالية، ويا له من تخيير!

 إنه التخيير بين أمرين، حتى أنه عليه السلام أكَّدَ بنفسه هذه الحقيقة وأشار إليها بقوله: (ألا وإن الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلة والذلة، وهيهات له ذلك، هيهات مني الذلة .. أبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون وجدود طهرت، وحجور طابت) [1].

 فالحسين عليه السلام قد تم تخييره هنا وكان بإمكانه أن يختار ويسلك المسلك الذي يرتئيه، وهذا الواقع لا يمكن أن يفر منه إنسان، فكل واحد لابد أن يمر بامتحان الاختيار هذا في حياته، ويتعرّض لابتلاءاته وفتنه بدءًا من الرسل والأنبياء عليهم السلام وانتهاءً بمن هم دونهم ودون دونهم، فجميعهم مروا بامتحان التخيير، وعانوا فتنه ومصائبه، فكان عليهم في ذلك الخضم أن يختاروا ويقرروا الاتجاه والمسلك.

 وقد اجتاز الإمام الحسين عليه السلام هذا الامتحان بأعلى درجات التفوق عندما ابتلي بالاختيار، فأطلق ذلك الهتاف الخالد الذي دوى في عمق التاريخ أن (هيهات مني الذلة).

فهذه هي خيرة أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وهذا هو قراره التاريخي الذي بَيَّنه لكل من أراد أن يعيش في الحياة حراً.

ونحن الذين ندّعي حب الحسين وموالاته لابد لنا من الاقتداء به ليكون هذا الاقتداء مصداقاً للحب والموالاة.

والاقتداء هو قرار ذلك الامتحان؛ إمتحان الإختيار الذي لا مفر من التعرض له، فأنا أرى أن من المستحيل أن يولد الإنسان في هذه الدنيا وينمو وينضج من دون أن يتعرض لفتن تقرر وترسم مصيره، فكل إنسان من ذكر وأنثى لابد أن يمر بمواقف وساعات الاختيار.

كيف نختار وما هي عوامل الاختيار؟

وهنا يبرز سؤال مهم في هذا الصدد وهو:

كيف لنا أن نختار؟

وما هي العوامل التي تكون في عوننا ساعة الاختيار، ولحظات إتخاذ القرار التي هي لحظات خطيرة ومصيرية وتمتاز بكونها محدودة وخاطفة؟

 من هذه العوامل عاملاً التربية والوراثة اللذان تؤكدهما تلك الصرخة الثورية التي أطلقها أبو عبد الله الحسين عليه السلام في وجه الإستكبار والانحراف والاستبداد الأموي، وهناك عوامل أخرى يمكن للإنسان الإمساك بزمامها والتحكم بها؛ منها عامل الثقافة، وعامل تاريخ الإنسان وماضيه.

فالإنسان المنقاد إلى ربه بمواظبته على أداء الفرائض العبادية، والمنشغل ليله ونهاره بذكر الله العظيم، هذا الإنسان متوجه بدمه ولحمه وروحه ونفسه وعقله إلى الله سبحانه، لاهج لسانه بترديد الدعاء الشريف

(ربِّ لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً)[2].

ولذلك فإن يد الرحمة الغيبية ستكون في عونه لإنقاذه في لحظة الاختيار، فتثبت قدمه، وتطمئن قلبه، لا تدعه يتزلزل وينهار، ولا تهجره ليصبح عرضة لفتن وابتلاءات الزمان.

ولا عجب من أن تمتد يد الرحمة الإلهية لعون هذا العبد، ذلك لأنه قد ذكر ربه في السراء من العيش فأجابه ربه وذكره حين الضراء والشدة، قال الله تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) (البقرة:152).

 وعندما نقرأ تاريخ الإمام الحسين عليه السلام قراءة واعية وموضوعية، نجد أنه عليه السلام ولد ثانية في كربلاء ساعة نيله تلك المنزلة الرفيعة التي لم ينلها أحد من قبل، وهي منزلة ربانية أختارها الله تعالى له ليخلد مثالاً وضّاءً في قلب التاريخ لا ينقطع شعاعه، ولا يخمد وهجه رغم كل محاولات الأمويين على امتداد هذا التاريخ.

اية الله محمد تقي المدرسي

اعداد و تقديم : سيد مرتضى محمدي

القسم العربي - تبيان

المصادر:

[1] - بحار الأنوار، ج45، ص83.

[2] -  مصباح المتهجد للشيخ الطوسي، ص16.


كيف ما قبلته كأخيه الحسن ؟

تسابق الحسنين

إحياء الموتى بدعائه عليه السلام

قيام رسول الله صلي الله عليه واله وسلم لسقايته عليه السلام

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)