الإمام السجاد(عليه السلام) باعث الإسلام من جديد (1)
أسلوب عمل الإمام السجاد(عليه السلام) وجهات جهاده ونضاله ، إننا لا نستطيع أن نلم بكل جوانبها ومجالاتها ، فضلاً عن دقائقها وتفصيلاتها ، ولذلك نكتفي بالإشارة إلى الأمرين التاليين :
الأول:
بالإضافة إلى أنه كان يوجه الأمة من خلال سلوكه وتصرفاته ومواقفه ، فإنه كان أيضاً يوجه الأمة من خلال أدعيته ، التي كان يضمنها مختلف المعارف الإسلامية : عقائدياً – وهو الأهم – وسياسياً وأخلاقياً وغير ذلك ، ولم يكن بإمكان أحد أن يعترض عليه ويقول له : لا تدع ربك ، فإن ذلك سوف يكون مستهجناً ومرفوضاً من كل أحد ، حيث يرونه – بحسب الظاهر – لا يتعرض لدنيا هؤلاء الحكام ، وإنما شغل نفسه بعبادة ربه ، وتصفية وتزكية نفسه .
ويظهر أن الحكام أنفسهم أيضاً قد اطمأنوا إلى أنه (عليه السلام) ليس في صدد التخطيط والعمل ضدهم ، ولا يفكر في الخروج عليهم ، فراق لهم انصرافه عن دنياهم ، بل لقد أصبح له عندهم مكانة عظيمة واحتراماً خاصاً لم يكن لأحد من أهل البيت قبله ، ولا كان لأحد منهم بعده ، ولذلك تجد الثناء العاطر ينهال عليه من كل جانب ومكان ، من قبل من ترضى عنهم الهيئة الحاكمة ، وتعتبرهم من أعوانها .
ولقد فاتهم أنه كان في الظاهر يدعو الله ، ولكنه كان في واقع الأمر يدعو إلى الله ، ويوجه نحوه ويعرّف الناس سبيله ، ويضمن كلامه الكثير من التعاليم الإلهية ، والمعارف الدينية التي تهمهم في أمر دينهم ودنياهم ، كما اتضح ذلك جلياً فيما بعد ، وأنه كان يقود عملية التغيير الشامل في بنية العقيدة للأمة الإسلامية بأسرها .
الثاني:
اهتمامه (عليه السلام) المتميز بشراء الموالي وعتقهم ، حتى ليقول البعض (1) " وعرف العبيد ذلك فباعوا أنفسهم له ، واختاروه وتفتلوا من أيدي السادة ليقعوا في يده ، وجعل الدولاب يسير، والزمن يمر، وزين العابدين يهب الحرية في كل عام ، وكل شهر وكل يوم ، وعند كل هفوة ، وكل خطأ ، حتى صار في المدينة جيش من الموالي الأحرار ، والجواري الحرائر ، وكلهم في ولاء زين العابدين ، قد بلغوا خمسين ألفاً أو يزيدون".
ويقول أيضاً: "
فهو يشتري العبيد لا لحاجة إليهم ، ولكن ليعتقهم ، وقالوا : إنه اعتق مئة ألف "(2) .
ودعا (عليه السلام) مملوكه مرتين فلم يجبه وأجابه في الثالثة ، فقال له : يا بني ، أما سمعت صوتي ؟
قال: بلى. قال: فما بالك لم تجبني؟ قال: أِمنْـتُكَ . قال: الحمد لله الذي جعل مملوكي يأمنني (3) .
وكان (عليه السلام) لا يضرب مملوكاً ، بل يكتب ذنبه عنده ، حتى إذا كان آخر شهر رمضان جمعهم وقررهم بذنوبهم ، وطلب منهم أن يستغفروا له الله كما غفر لهم ، ثم يعتقهم ويجيزهم بجوائز ، وما استخدم خادماً فوق حول .
وقال السيد الأمين : ولقد كان يشتري السودان وما به إليهم من حاجة ، يأتي بهم عرفات فيسد بهم تلك الفرج ، فإذا أفاض أمر بعتق رقابهم ، وجوائز لهم من المال (4) .
المصادر:
(1) زين العابدين ص47، لعبد العزيز سيد الأهل.
(2) المصدر السابق ص7.
(3) كشف الغمة ج2 ص299.
(4) أعيان الشيعة ج4 ص468.
فصاحة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) وبلاغته
خطبة الإمام السجاد ( عليه السلام ) في المدينة المنوّرة
خطبة الإمام السجاد ( عليه السلام ) في الكوفة
خطبة الإمام السجاد ( عليه السلام ) في مسجد دمشق