• عدد المراجعات :
  • 892
  • 9/20/2011
  • تاريخ :

معاقل الفساد - النفس الإنسانيّة والأنانيّة

امام خمینی

يقول الإمام الخمينيّ قدس سره:

"إنّ كلّ ما يصيب الإنسان والمجتمع من البلايا، إنّما هو بسبب المستكبرين، الّذين يدفعهم إلى ذلك هوى النفس والأنانيّة"1 .

ويقول أيضاً:

"حبُّ النفس منشأ كلّ المفاسد الّتي ظهرت في البشريّة، منذ نشأتها وإلى يومنا هذا، بل وإنّها المنشأ فيما سيُصيبها إلى آخر وجودها"2 .

يبدأ الفساد في داخل النفس الإنسانيّة حيث إنّها أرض يمكنها أن تكون مهيّأة لتقبّل الفساد، بل وتكون أرضاً خصبة له ينمو في أحضانها. فالنفس الإنسانيّة هي الدنيا الّتي توصف بالفساد وغيره ومنها تنطلق باقي الأمور، لذلك اهتمّ الإسلام بهذه النفس واعتبرها معياراً لتمييز الصالح من الفاسد، "إنّما الأعمال بالنيّات"، وقد اهتمّ بهذه النفس فأرسل الله تعالى الرسل لتزكيتها وحمّلهم الكتب السماويّة، ومن هنا فتربية النفس هي من أهمّ عوامل الصلاح، فعلينا أن لا نغفل عن الجانب التربويّ ونحن نتكلّم عن الصلاح والفساد.

يقول الإمام الخمينيّ قدس سره:

"جميع الاختلافات القائمة بين البشر هي بسبب عدم التزكية، وغاية البعثة أن تُزكّي الناس حتّى يتعلّموا بواسطة التزكية الحكمة، ويتعلّموا القرآن والكتاب، ولا يحدث الطغيان فيما لو تمّت التزكيّة. إنّ من يُصاب بالغرور لا يرى نفسه فانياً أبداً ( كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى)3 ، فعندما يرى الإنسان نفسه ويرى لنفسه مقاماً ويرى لنفسه عظمة، فإنّ هذه الأنانيّة ورؤية النفس تكون سبباً للطغيان. وإنّ أساس كلّ هذا الاختلاف الموجود بين البشر، والاختلاف الحاصل بينهم حول الدنيا يعود إلى الطغيان الموجود في النفوس، وهذه مصيبة مبتلى بها الإنسان، مبتلى بنفسه وبأهوائه النفسانيّة"4 .

وهكذا كلّما ازدادت أمراض الإنسان النفسانيّة صار أكثر فساداً، وكلّما ركن لهذه الأمراض واتّبع الأهواء المضلّة كلّما فتح أبواباً للمعاصي، وهذا ما حذّر منه الإمام الخمينيّ قدس سره في العديد من كلماته:

"المِلاك في الابتعاد عن الحقّ هو اتّباع الهوى"5 .

"لنحذر الأهواء النفسانيّة، فإنّها ميراث الشيطان"6 .

لماذا يتّبع الإنسان أهواء النفس وكيف يتخلّص منها؟

الأساس في هذه الأمور الأنانيّة، فالأنانيّة هي السبب الرئيس لكلّ آفّات النفس، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره:

"كلّ المفاسد الموجودة في العالم تعود إلى الأنانيّة"7 .

ويقول أيضاً:

"ما دام الإنسان لا يرى سوى نفسه فإنّه لن يتمكّن من العثور على طريق الهداية"8 .

فطريق الهداية الأساس هو أن يبتعد الإنسان عن أنانيّته ليغرق ويذوب في المجتمع ومصالحه وفي الإسلام وأحكامه.

والتجربة الّتي ينقلها لنا القرآن الكريم في قصّة إبليس تؤكّد ذلك، فإنّ أساس الفساد الّذي وقع فيه بعد أن كان طاووس الملائكة هو وقوعه في الغرور والعجب وحبّ النفس، فعندما ظهرت فيه هذه المشكلة تبعتها كلّ المفاسد الأخرى العظيمة، الّتي وقع فيها وأغرى أتباعه بها. وإلى ذلك يشير الإمام الخمينيّ قدس سره في قوله:

"الغرور والعجب إرث الشيطان"9 .

تدمير الإنسانيّة

"إنّ أكبر ضربة أصابت بلادنا هي تدمير القوّة الإنسانيّة فمنعوها من النموّ والتكامل. وقد كثرت مراكز الفساد في طهران خاصّة والمدن الأخرى واشتدّت دعايتهم لجرّ شبّاننا إلى هذه المراكز، وأكثروا من فتح طرق الفساد العديدة أمام شبّاننا، إلى درجة كان فيها هذا الدمار يُعدّ أسوأ من كلّ أنواع الدمار الأخرى"10 .

إنّ تدمير القوى الإنسانيّة داخل النفس هو من أهمّ أبواب الفساد، لأنّ النفس الإنسانيّة لا يمكنها أن تكون فاسدة، لذلك كان الشيطان وجنوده دائماً يركّزون على إزالة هذه القوى وإضعافها داخل الإنسان، لتحلّ محلّها قوى حيوانيّة وشريعة الغاب، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره:

"أرادت الأنظمة ـ تبعاً للأجانب ـ أن لا يصلح الإنسان في هذه الدول الشرقيّة. إنّهم يخافون من الإنسان. إنّهم لا يريدون أن يظهر حتّى إنسان واحد... يعمل لله ويحيا لله ويموت لله أيضاًَ... فلو أُعطي شيئاً لسأل من أين؟ وماذا هو؟ وهل صحيح استخدامه؟ هل جاءت هذه السيارة من طريق حلال أم حرام؟ خيانة أم أمانة؟ فهذا الإنسان الّذي يُفكّر بهذه الأمور، نحن نريد مثله" 11.

الفساد الفكريّ

إنّ الفكر له الدور الأساس في صناعة خلفيّة الإنسان، الّتي يتحرّك من خلالها ليؤدّي دور الصلاح أو دور الفساد، لذلك كانت جبهة الفكر من أهمّ الجبهات الّتي يجري فيها تزيين الفساد لإقناع الناس باتّباعه من خلال رمي الشبهات والمفاهيم المغلوطة كمفهوم الحرّيّة ـ مثلاً ـ، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره مشيراً إلى ذلك:

"لنعلم جميعاً أنّ الحرّيّة على الطراز الغربيّ، تؤدّي إلى تدمير الشبّان، فتيات وفتية، وهي مدانة بنظر الإسلام والعقل... إنّهم يريدون من خلال كلمة الحرّيّة الّتي يلقونها في عقول الشباب أن يفرضوا سلطتهم عليكم ويسلبوا حرّيّتكم" 12.

أو على الأقلّ إبعاد الناس عن الفكر الأصيل من خلال إلهائهم وإشاعة كلّ ما يُزيل العقل ويُميّع المجتمع ويلهيه عن تحمّل مسؤوليّاته، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره مشيراً إلى ذلك:

"كيف يقضون على قوّة الفكر؟ من خلال الإدمان على المشروبات الكحوليّة والهيروئين وأمثال ذلك من المخـدّرات الّتي تسـلب فكر الإنسـان، وتجعـل الإنسـان فارغـاً من كـلّ شـيء. وسـاهمت مراكز الفحشاء والفساد الّتي كانت منتشرة على طـول البـلاد وعرضهـا في إلهاء الشبّان بأمور الشهوة والغريزة الّتي كـانت تسـلب فكرهـم بشكل كامل"13 .

اعداد وتقديم : سيد مرتضى محمدي

القسم العربي – تبيان

الهوامش :

1- الكلمات القصار، الإمام الخمينيّ قدس سره، ص 95.

2- م. ن.

3- سورة العلق، الآيتان: 6-7.

4- منهجيّة الثورة الإسلاميّة، ص 225.

5- الكلمات القصار، الإمام الخمينيّ قدس سره، ص 95.

6- م. ن.

7- م. ن، ص 100.

8- م. ن.


دور الأمم المتحدة في صيانة حقوق الإنسان

حقوق الإنسان في نظام الجمهوريه الإسلاميه

انتهاک حقوق الإنسان في معسکر أشرف

الملف الأسود للغرب في مجال حقوق الإنسان

رؤية الإمام علي ( عليه السلام ) لحقوق الإنسان

ظهر الفساد

مقارنة بين حقوق الإنسان في الإسلام وفي الوثائق الوضعية الدولية

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)