اية الله الطالقاني وكتاب الله
لقد ركّز سماحته في تفسيره على الجانب الحركي الاستنهاضي وعلى الجانب العلمي، خاصة ما تركه في مجلّدات "قبس من القرآن" فكان أنّ العلم هو عنصر ركين في النهضة والقرآن هو أساس النهضة وقاعدتها.
كان تراث اية الله الطالقاني القرآني كلّه باللغة الفارسية، بيد أنّه لم يقتصر في الخطاب على إيران والإيرانيين وحدهم، بل كان مهموماً بالمسلمين أينما كانوا، بمختلف تكويناتهم المذهبية وانتماءاتهم السياسية، كما لم يهمل مطلقاً واقع المستضعفين والمظلومين.
لا ريب في أنّ الجزء الأساس من التوفيق الذي حظي به السيد الطالقاني يعود إلى بعده الديني والعلمائي. فهذا العالِم الذي نال ثقة الناس أمضى نصف قرن تحدّث فيه عبر المنبر ومحراب الصلاة، عن قرآنٍ آمن به وعرف أثره.
لقد أمضى آية الله الطالقاني شطراً مهمّاً من حياته السياسية والجهادية في السجون والمنافي، حيث كان لهذه المقاطع الصعبة دورها المؤثّر في تكوين شخصيته وتنمية تجربته.
لقد بدأ اية الله الطالقاني مساره في النضال منذ عهد رضا شاه المقبور حيث شهدت الخمسينيات الميلادية أولى مواجهاته مع الجهاز الإيراني الحاكم، والأهم من ذلك مع الاستعمار البريطاني.
وكانت مرحلة السجن بالنسبة إليه مرحلة بنّاءة. وهو استطاع أن يحوّل السجن إلى جامعة، وأرسى قواعد درس قرآني ثلاث ليالٍ في الأسبوع، وأفاد من السجن في تدوين عدّة مجلّدات من تفسير "قبس من القرآن" كما استكمل تأليف كتاب "الإسلام والملكية".
ولم يقتصر الأمر على تفسير القرآن وحده، بل وظّف سماحته بعض المجالات الدينية الأخرى للتفاعل، بحيث استطاع إلقاء عدد من الدروس في "نهج البلاغة" وتدوينها في المعتقل أيضاً.
لا بدّ من القول إنّ مجتمع الشباب، ومسجد "هدايت" والسجن هي المنطلقات الأصلية الثلاثة لتفسير آية الله الطالقاني.
فله في الحقيقة حقّ مشهود في جذب جماعة ملحوظة من الشباب وهدايتهم في العقود الأربعينيات حتى السبعينيات الميلادية. ففي داخل البلد كانت هناك برامج دقيقة لسَوْق فتيات إيران وفتيانها صوب العبثية والمجون والانحلال.
بكلمة، لم يكن لجيل الشباب ملاذ يلوذ به، وقلما كان يُعثر على عالم يتحلى بلسان ناطق ينسجم مع الشباب ويتواءم مع لغته. لكن هكذا كان اية الله الطالقاني، فقد كان يتعامل مع الشباب أبوياً وكان يقول: "ينبغي أن لا يصدر منّا ما يؤذي الشباب ويبعدهم، لأننا في الحقيقة جئنا للوصل والتلاحم".
لقد بلغ اهتمام الطالقاني بتعليم الفتيان وتربيتهم ذروته في ما بعد، وتجسّد بتأسيس مدرسة "كمال الإسلامية".
لقد نهض آية الله الطالقاني بإمامة جماعة مسجد مهم هو: مسجد "هدايت" في "قناة آباد" وذلك بعد عودته من قم سنة (1939م) حيث بدأ بالتفاعل مع جمهوره عبر إمامة الصلاة والمنبر.
في مناخات ذلك العصر الذي انطلقت فيه السياسة العالمية التوسعية ومعها أنظمتها الداخلية التابعة، للحؤول دون نفوذ الأفكار الثورية والإنسانية، كما منع تعاليم القرآن والإسلام، حمل اية الله الطالقاني القرآن إلى أوساط الشباب، حيث راح الشباب المتحمّس يشترك في جلساته التفسيرية ودروسه القرآنية، وقد كان المرحوم نواب صفوي زعيم منظمة "فدائيان إسلام" هو أحد هؤلاء الحضور.
كما من بين الحضور أيضاً الشهيد محمد علي رجائي والشهيد مصطفى شمران، حيث كان الأول رئيساً للجمهورية والثاني وزيراً للدفاع في إيران لاحقاً.
كما كان هذا المسجد منطلقاً لنشاط منظمة "فدائيان إسلام" ومن مراكزها إبّان مرحلة نشاطها، حتى أنّ المرحوم واحدي كان له مجلس في المسجد يعتلي فيه المنبر، إلى حين اعتقاله وشهادته. وقد أفاد الطلبة والمتديّنون من جلسات تعليم القرآن في المسجد، كما من تدوين تفسير "قبس من القرآن" بعد ذلك.
وفي ظلّ هذه الأجواء راح آية الله الطالقاني يبرز في الأوساط بوصفه شخصية مجاهدة، وكان على مدار هذه السنوات موضع ثقة المجاهدين، حيث كان هؤلاء ينهلون من درسه التفسيري.
وقد كان لهذه الجلسات أثر بالغ بحيث صار مسجد "هدايت" بين سنتي (1961-1962م) موئلاً لحضور المئات بل الألوف من المتطلّعين للنهضة الإسلامية الجديدة، الذين راحوا ينهلون من خطابات آية الله الطالقاني ودروسه، خاصة أنه كان ينتقد الجهاز الحاكم نقداً صريحاً في أغلب خطاباته خلال تلك المرحلة.
سيرة الشهيد صياد الشيرازي
صلاة الجماعة في السجن
سيرة الشهيد مصطفي شمران
الشهيد محمد علي رجائي
الشهيد محمد جواد باهنر
آية الله مطهري...القطب الثاني للثورة
مذكرات معاق- الحركة