الهدوء النفسي
إن أسعد الناس هو الذي يملك نفسه ويسيطر على رغباته، لا يحوم حول الذنب، يستمع إلى النداء الواقعي للوجدان باذن الذكاء، يعيش حياة ملؤها الهدوء والارتياح، ويغادر الحياة بروح مطمئنة ونفس هادئة... ولكن المؤسف أن هؤلاء الأفراد هم الأقلية في كل مجتمع وأمة... فإن الأكثرية يقعون تحت أسر الأهواء والميول النفسانية، ونجد أن الغرائز والشهوات تسيطر بقوتها القاهرة، على أكثر طبقات المجتمع وتبعثهم على الاجرام والدنس !.
إن أسعد الناس هو الذي يملك نفسه ويسيطر على رغباته، لا يحوم حول الذنب، يستمع إلى النداء الواقعي للوجدان باذن الذكاء، يعيش حياة ملؤها الهدوء والارتياح، ويغادر الحياة بروح مطمئنة ونفس هادئة
لقد فتح الأنبياء عليهم السلام أبواب الاستغفار والتوبة والكفارات على هؤلاء لإنقاذ المجرمين من الانهيار التام، ولارجاعهم مرة أخرى إلى طريق السعادة والفضيلة وتخليصهم من تعذيب الضمير... ولذلك نجد أن رسل السماء كانوا يبشرون الناس على مر العصور بالعفو والمغفرة والرحمة من الله العظيم، ولهذا الارشاد السماوي العظيم أهمية كبيرة في أنظار علماء النفس المعاصرين، حيث يعتبرونه من المسائل الأساسية في علاج الأمراض الروحية.
"إن تعذيب الضمير مؤلم جداً، فقد يظهر بمظهر الندم الذي لا يمكن تهدئته إلا بتدارك الخطأ أو الدية، ولهذا فان لغفران الذنوب دوراً كبيراً وأهمية عظيمة في الأديان السماوية"1.
إن على المجرمين إما أن يستمروا في انحرافهم ويتمادوا في طغيانهم يعمهون، ويزجوا بأنفسهم والمجتمع في النتائج الخطيرة والوخيمة، أو يرجعوا عن الطريق المنحرف ويتوبوا إلى الله تعالى أملاً في العفو والمغفرة. ويكفوا عن الذنوب فيصبحوا أناساً طيبين طاهرين تماماً.
في الصورة الأولى نجد عوارض وأخطاراً تنتاب الفرد وتعم غيره من جراء الاستمرار في إجرامه نستعرض على سبيل المثال بعضاً منها:
1- خطر اليأس
إن المجرم الذي يستلذ طعم الاجرام، ويرى أن القيام به متأصل في نفسه وغير قابل للزوال، ولا يملك أي أمل في تطهير نفسه ومغفرة الله له يستمر في ارتكاب الجرائم بجسارة وجرأة كبيرتين لا يتورع من القيام بأي عمل مخالف، وبديهي أن اإنساناً كهذا يصبح فرداً خطراً في المجتمع بدلاً من أن يكون عضواً نافعاً فيه، ذلك لفقدانه الأمل في المغفرة، واليأس من العودة إلى الصواب، ولجرأته في الذنوب... وهكذا يكون خطراً شديداً على مجتمعه.
2- إتهام الأبرياء
إن المجرم يحاول لتبرئة نفسه، وبسبب ا لآلام الوجدانيه التي يلاقيها أن يتهم الأبرياء، وينسب جرائمه إليهم... وهذا العمل بنفسه يعدّ جريمة أكبر من ارتكاب الجريمة ذاتها، إذ من الممكن أن يؤدي في بعض الحالات إلى نشوء الاختلالات الاجتماعية، والمفاسد التي لا تدرأ، أو أن يعرّض أرواح الناس واموالهم إلى أخطار شديدة.
"إن الجرائم تضمن أخطاراً كبيرة للمجتمع، والاحساس بالاجرام يمكن أن يؤدي إلى ظهور بعض الأعراض النفسيه التي منشؤها حب البراءة والتي تنتهي إلى تحطيم الكيان الاجتماعي، وإذا دققنا في الموضوع وجدنا أن هذه الأعراض الناشئة من حب البراءة، تقود الانسان إلى اتهام الآخرين، وان الأبرياء الذين يرمون بالتهم الكاذبة يقفون بدورهم موقفاً دفاعياً ضد تلك الاتهامات وهكذا تولد موجة من التهم والمواقف الدفاعية التي لاحظنا بعض النماذج الحية منها... وأخيراً تنتهي هذه الحالات بهدم العنصر الأخلاقي والقيم المثلى في المجتمع الذي تحدث فيه"2.
3- غفران الذنوب
عندما تكون نوعية الذنب مهمة جداً، ولا يملك المذنب أملاً في المغفرة والعفو الالهي فإن الضغط الشديد الذي يلاقيه من الوجدان الأخلاقي يؤدي به إلى الجنون ويبعث به إلى ارتكاب الجرائم الخطيرة، ويفقد مجتمع بأسره راحته وهدوءه من جراء جرائمه التي لا تعد ولا تحصر. أما في الصورة الثانية عندما يندم المذنب على ما ارتكبه بفضل إرشادات الأنبياء، ويطمئن إلى المغفرة والعفو، ويظهر ندمه وتوبته بلسان الاعتذار إلى المقام الالهي... حينذاك تحل عقدته الباطنية، ويهدأ وجدانه، ويتخلص من اللوم الباطني ويستمر في حياته بروح مطمئنة هادئة وبهذه الصورة يمكن الوقوف أمام سقوط عضو من أعضاء المجتمع.
"عندما تمد الأيدي إلى أحضان الوجدان، وعندما يقر المجرم بذنبه، ويستعد لاصلاح نفسه... فان الأمل في الرحمة والمغفرة يطفئ الاحساس بالجريمة، ويولد فيه الهدوء والسكينة حيث يستطيع بهما أن يخرج رأسه بفخار من كابوس الاجرام الفظيع، وينسى بذلك ماضيه"3.
--------------------------------------------------------------
المصادر:
1-جه ميدانيم ؟ بيماريهاى روحى وعصبى ص:66.
2-جه ميدانيم؟ بيماريهاي روحي وعصبى ص:66.
3- بيمهاريهاى روحى وعصبى ص:67.
التغذية السليمة في القران اهل البيت يفسرون بالاستقسام بالأزلام
التفأل بالقرآن
القواعد والأسس المعنوية والنفسية للتوبة الحقيقية
العقدة النفسية
فرويد والفطرة
بعض نماذج الأحلام التي هي من الالهام اللهي