• عدد المراجعات :
  • 2118
  • 12/8/2010
  • تاريخ :

مقايسة قصّة الطوفان في التوراة و في القران

قصة الطوفان

جاءت قصّة الطوفان في سفر التكوين [1] بصورة تفصيليّة تشبه أن تكون أساطيرية ، و فيها ما ترفضه العقول و تأباه واقعية الحياة ، فضلاً فن منافاتها لأصول الحكمة المهيمنة على مظاهر الوجود .

جاء فيه : أنّ قوم نوح فسدوا وأفسدوا في الأرض ، فغضب الله عليهم و أنذرهم على لسان نوح بعذاب الاستئصال بإرسال الطوفان العارم ، فلم يعبهوا بذلك و ظلّوا يعبثون و يعثون في البلاد .

و لمّا بلغ نوح من العمر ستمائة سنة أمره الله بصنع الفلك ( في 300 ذراع طولاً و50 ذراع عرضاً و 30ذراعاً في الارتفاع ) .

فجاء الطوفان ، و جعلت ينابيع الأرض تتفجّر و السماء تمطر بغزارة أربعين صباحاً و الماء يرتفع شيئاً فشيئاً على وجه الأرض كلّها حتّى بلغ قمم الجبال الشامخة في كل جوانب الأرض و ارتفع على أشمخ قمّة من الجبال بخمس عشرة ذراعاً ، و بذلك هلك الحرث و النسل و مات كلّ ذي حياة على وجه الأرض من الدوابّ و البهائم و الدبّابات و الزحّافات و حتّى الطير في السماء . و دام الطوفان على وجه الماء حتّى أخذ الماء ينحطّ و يغور فاستقرّت سفينته على جبل « آرارات » بأرمينية . فنزلوا من السفينة و عاش نوح بعد ذلك ثلاثمائة و خمسين عاماً ، فكان كلّ أيّام نوح تسعمائة و خمسين سنة . على ما جاء في الإصحاح التاسع عدد 28 .

و كان الذي حمله نوح معه في السفينة ـ غير أهله و ذويه ـ أزواجاً ( ذكراً و اُنثى ) من كلّ أنواع الحيوانات لئلاّ ينقرض نسلها و تبيد من الوجود . « من جميع البهائم و الطيور ذكراً و اُنثى ، لاستبقاء نسلها على وجه كلّ الأرض » . [2]

و هذا يعني : أنّ جميع الأحياء هلكوا على أثر الغَرَق « فمات كلّ ذي جسد كان يدبّ على الأرض من الطيور و البهائم و الوحوش و كلّ الزحّافات التى كانت تزحف على الأرض و جميع الناس ، كلّ ما في أنفه نسمة روح الحياة فيما في اليابسة مات » . [3]

و ذلك أنّ الماء غمر وجه الأرض كلّها و طغى على أعالي الجبال الشامخة في كل أكناف الأرض « و تعاظمت المياه كثيراً جداً على الارض فتغطت جميع الجبال الشامخة التي تحت كلّ السماء خمس عشرة ذراعاً في الارتفاع فتغطّت كلّ الجبال » . [4]

و حاشا القرآن أن يساير التوراة ( المتداولة ) في سرد أقاصيص أسطورية واهية ، و إنّما هي الواقعيّة ينتقيها و ينبذ الأوهام الخرافية و التي أحدقت بها على أثر طول العهد .

و إليك الحادث على ما جاء في سورة هود :

?حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ * وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ * وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ * قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ? [5] [6]

العلامة المحقق الشيخ محمد هادي معرفة (رحمه الله)

-----------------------------------------------

الهوامش:

[1] سفر التكوين ، إصحاح 9 ـ 6 .

[2] المصدر : 7 / 4 .

[3] المصدر : 7 / 21 .

[4] المصدر : 7 / 19 .

[5] القران الكريم : سورة هود ( 11 ) ، الآيات : 40 - 48 ، الصفحة : 226 .

[6] التنور : كلمة أعجمية و تطلق في كلام العرب على مفجر المياه . جاء في القاموس : التنّور كلّ مفجر ماء . و الجودي : قال أبو مسلم الاصبهاني : الجودي كل جبل و أرض صلبة .


كيفَ كانَ زواج أبناء آدم 

النبي آدم (ع) ابوالبشر 

النبي إدريس (ع) الخيــاط 

النبي إبراهيم (ع) خليل الله

النبي إسحاق (ع) البشارة 

النبي هود (ع) القائم 

صموئيل النبي (ع) 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)