حجج واهية للمتبرِّجات و الرد عليها (2)
الحُجَّة الخامسة : من تدَّعي أن التبرُّج أمر عادي لا يلفت النظر كيف يكون التبرج أمراً عادياً ، و نحن نرى أن الأزواج - على سبيل المثال - تزداد رغبتهم في زوجاتهم كلما تزيَّنَّ ، و تجمَّلن ، كما تزداد الشهوة إلى الطعام كلما كان منسقاً ، متنوعاً ، جميلاً في ترتيبه ، حتى ولو لم يكن لذيذ الطعم ؟ ، ولو كان التزيُّن أمراً عادياً ، لما تنافس الناس في تزيين البيوت ، و زخرفتها ، و فرشها بأفخر المفروشات ، و كل ذلك لتتمتَّع أنظارهم . ولما تكبَّد الناس مشاقَّ السفر ، و تكاليفه الباهظة في الرحلات إلى مختلف بلاد العالم ، و كل ذلك للمتعة و التغيير ، و يزداد سرورهم ، كلما شاهدوا في رحلاتهم مناظر جميلة و أشكالاً متنوعة ، بل لو كان التبرج أمراً عادياً لما نهى الله عنه ، لأنَّ الله هو الذي خلق الإنسان ، و يعلم ما يصلحه وما يفسده ، و لولا أنَّ الفساد الحاصل من التبرج كبير لما نهى الله عنه ، و لما جعله الله تعالى على لسان
رسوله ( صلى الله عليه وآله ) من كبائر الذنوب .
وإليكم شهادة من طبيب يكذِّب الزعم القائل بأن التبرُّج أمر عادي : أودَع الله الشبق الجنسي في النفس البشرية سِرّاً من أسراره ، و حكمة من روائع حِكَمه جلَّ شأنه ، و جعل الممارسة الحِسِّية من أعظم ما نزع إليه العقل و النفس و الروح ، و هي مطلب روحي و حسي و بدني . ولو أن رجلاً مرت عليه امرأة حاسرة سافرة على جمال باهر ، و حُسن ظاهر ، و استهواء بالغ ، و لم يخف إليها ، وينزع إلى جمالها ، يحكم عليه الطبُّ بأنه غير سويٍّ ، و تنقصه الرغبة الجنسية ، و نقصان الرغبة الجنسية - في عُرف الطب - مرض يستوجب العلاج و التداوي ، ناهيكم عن انعدام الرغبة تماماً ، و هذا بدوره مرض عضال .
فهذه الشهادة من طبيب حُجَّة على من يزعمون ، أنَّ خروج المرأة كاسية عارية بدون حجاب ، لايثير الشهوات ، و لايحرِّك النفوس ، و اعتبروه أمراً عادياً ، فإن أعلى نسبة من الفجور و الإباحية ، و الشذوذ الجنسي ، و ضياع الأعراض ، و اختلاط الأنساب ، قد صاحبت خروج النساء متبرِّجات كاسيات عاريات . و تتناسب هذه النسبة تناسباً طرديّاً مع خروج النساء على تلك الصورة المتحلِّلة من كل شرف و فضيلة ، بل إننا نجد أعلى نسبة من الأمراض الجنسية - و منها مرض الإيدز القاتل الذي انتشر حديثاً - في الدول الإباحية التي تزداد فيها حرية المرأة تفلّتاً ، و تتجاوز ذلك إلى أن تصبح همجيَّة و فوضى . ناهيك عن الأمراض و العقد النفسية ، التي تُلجئ الشباب للانتحار بأعلى النسب ، في أكثر بلاد العالم تحلُّلاً من الأخلاق ، و أعظمها إباحية وفوضى كالسويد ، و غيرها من دول الغرب . إن الميل الفطري بين الرجل و المرأة مَيل عميق ، و إثارته في كل حين تزيد من عرامته ، فالنَّظرة تُثير ، و الحركة تُثير ، و الضحكة تُثير ، و الدعابة تُثير ، و الطريق المأمون هو تقليل هذه المثيرات ، و ذلك هو المنهج الذي يختاره الإسلام ، مع تهذيب الطبع ، و تشغيل الطاقة البشرية بهموم أخرى في الحياة ، غير تلبية دافع اللحم والدم .
الحُجَّة السادسة : من تدَّعي أنَّ الحجاب عادات جاهلية أو رَجعية إن الحجاب الذي فرضه الإسلام على المرأة لم يعرفه العرب قبل الإسلام ، بل لقد ذمَّ الله تعالى تبرج نساء الجاهلية ، فوجَّه نساء المسلمين إلى عدم التبرج مثلهن ، فقال جلَّ شأنه : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ ) ، ( الأحزاب : 33 ) .
صحيح أنَّ الإسلام أتى فأبطلَ عادات ذميمة للعرب ، ولكن بالإضافة إلى ذلك كانت لهم عادات حميدة أقرَّها الإسلام ، فلم يبطلها ، كإكرام الضيف ، و غير ذلك ، و كان من ضمن عاداتهم الذميمة خروج النساء متبرجات كاشفات الوجوه و الأعناق ، باديات الزينة ، ففرضَ اللهُ الحجاب على المرأة بعد الإسلام ، ليرتقي بها ، و يصون كرامتها ، و يمنع عنها أذى الفُسَّاق و المغرضين ، وإننا ونحن نتحدث عن العرب في جاهليتهم نقول ، إن العصر الحديث شهدَ جاهلية كبرى ، و انتكاسة عظمى لم تشهدها العصور السابقة ، و لاحتى العرب في جاهليتهم ، إنَّنا مسلمون نؤمن بديننا ، و نقدِّس تعاليمه ، و نحبُّ ربَّنا و نبينا أكثر من حبنا لأنفسنا ، و لن نتأثر بدعاوى الجاهلية الحديثة التي هي أشدُّ من جاهلية أبي جهل . فإذا كان التبرُّج في الجاهلية الأولى يتضمَّن إظهار المرأة لوجهها و عنقها و حليها فقط ، و تمشي بين الرجال بهذه الهيئة . فإنه في الجاهلية المعاصرة أصبحنا نرى المرأة لاتكاد تغطي شيئاً من حُرُمات الله ، و نسيت أنها في حَدِّ ذاتها حرمة من حرمات الله ، وحدٌّ من حدوده ، لا يجوز أن يقربها أحد إلا أن يكون زوجها ، و لا أن يَرى زينَتَها أحدٌ إلاَّ أن يكون ممن بيَّنَهم الله عزَّ و جلَّ في هذه الآية الكريمة : ( وَ قُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ، ( النور : 31 ) .
و لستُ أدري كيف تسول لإنسان نفسه أن يتبجَّح على خالقه ، و يرمي ما أمر به من ستر و صيانة و عفة و طهارة ، بأنه رجعيَّة ؟! ، و لماذا هذه الحملة المسعورة على الحجاب الإسلامي بالذات ، و لايتكلم أحد عن حدائِقِ العُراة ، و بيوت الدعارة في كثير من ديار المسلمين ؟! ، إنَّ الرجعيَّة الحقيقية هي ما عليه هؤلاء التقدُّميِّين من إلحاد و إنكار للبعث و الحساب ، بل لوجود الخالق ، و تأليههم للطبيعة و الأفراد ، و كل هذه الأمور ، و الأفكار الوثنية كانت قبل الإسلام .
و لما كان كل ما بعد الإسلام هو في نظرهم رجعي ، إذ أنهم يعتبرون أن التمسك بتعاليم الأديان - و من أبرزها تعاليم الإسلام - رجعيَّة ، فلنكن رجعيين ، لكنهم أشد مِنَّا تأخراً و رجعيَّة ، لأن ما هم عليه من رجعية سبقت ما نحن عليه من رجعية ، و أكرم برجعيتنا من رجعية ، فنحن رجعنا إلى الشرف والعفة والفضيلة ، و هم رجعوا إلى الفساد والطغيان و الرذيلة .
الحُجَّة السابعة : مَن تحتجُّ بأنها ستتحجب عندما تقتنع أولاً قضية الاقتناع التي تطرحها المرأة اليوم في أمر الحجاب قول فيه جهل و غرور ، فمن أين يأتي الاقتناع ؟! ، هل سيأتي من بحث و دراسة و تحليل آيات الله و حديث رسوله ، أم أنَّ المرأة تنتظر أن تنزل عليها آية من السماء ، أو أن يوحى إليها ، فيترتب على ذلك اقتناعها بأمر الله ؟!
و نقول لها : إن لم تُقنعك آيات الله و حديث رسوله ( صلى الله عليه وآله ) فلن تقتنعي إذن أبداً ، فإن أطعْتِ ، و هو أحرى بك فإنك من المؤمنات الطائعات الحييات من الله ، و إن لججتِ في القول فهو الضلال المبين .
فهل كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه ، والذي تنزَّل من لَدُن حكيم خبير ، أو أنَّ أقوال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بحاجة إلى رأي المتبرِّجة القاصر و جهلها المركب ؟! ، إن الله لَغَنيٌّ عنها و عن اقتناعها ، أتحسب أنَّ أوامر الدين و نواهيه بضاعة ، تقتنع بشراء بعضها ، و ترك البعض الآخر ؟! ، ألا تستحي هذه ، و هي ترفض أوامر الله بحجة أنها لم تقتنع بها بعد ؟! ، إنَّ في آيات الله الشفاء لك من جميع الآفات الاجتماعية و النفسية و غيرها ، هبي أن طبيباً وصف لك دواءً و أمرك بشربه ، هل ستقولين له : لن أشربه حتى أقتنع بأنه سيشفيني ؟! ، بل حتماً لن تتردَّدي في شربه ، رغم أنه ليس مَضموناً أن يشفيك من المرض ، ولكنك لم تشككي ، و لم تترددي ، لأنك ظَننتِ أن في كلام الطبيب الصدق ، و أن في إطاعة أوامره صلاح جسدك و شفائك . فكيف بالله تتردِّدين في قبول أمر من خلقك و خلق الطبيب ، و لم تصدقي أن في أمره الخير و الفلاح و الصلاح ؟! ، و إذا كنت لم تقتنعي حتى الآن بالحجاب الذي يضمن لك العفة و الفضيلة ، فهل اقتنَعْتِ و رضيت بالتبرج وا لانحلال و الرذيلة ؟!
لماذا الانسلاخ من الحجاب الحجاب عند الاقوام و الملل لماذا الخوف من الحجاب؟
أخلاقية المرأة بين الإسلام والغرب في فكر الإمام الخميني (قده)
سبع نظريات قيلت في المرأة ورد عليها القرآن
المرأة والعلوم الدينية
مهتديات ومحجبات مسلمات: الحجاب قمة الحرية