حالات الخطرة في التسمم الغذائي
هناك عدة عوامل وراء تأثر البعض بدرجات متفاوتة بتناول أطعمة ملوثة بالميكروبات أو المواد الكيميائية. ولذا نلحظ أحياناً أن مجموعة من الناس تتناول نفس الطعام الملوث، ولكن يختلف تأثرهم وشدة الأعراض التي قد يشكون منها، لدرجة أن بعضهم قد يُعاني بشكل كبير، وبعضهم الآخر لا يشكو من شيء. وعدم شكوى البعض، ممن تناولوا نفس الطعام، لا يعني البتة أن الطعام كان نقياً وخالياً من الميكروبات التي تضرر منها أشخاص آخرين تناولوا نفس الطعام، بل من السذاجة التفكير بتلك الطريقة.
والواقع أن البعض قد يكون تناول أجزاء من الطعام ملوثة بشكل أكبر بالميكروبات من أجزاء أخرى تناولها أشخاص آخرون شاركوهم في التناول من نفس الصنف. وقد يكون البعض تناول كميات أكبر من الميكروبات مقارنة بمن تناول القليل منها. كما أن لمقدار العمر والحالة الصحية الأساسية للشخص تأثير في الموضوع. ومجموعات الناس الأكثر عرضة للمعاناة من تسمم الغذاء تشمل:
- كبار السن :
ولأن "لا شيء يستحي من آوانه"، فإنه كلما تقدم أحدنا في عمره، كلما أصبح جهاز مناعته أقل نشاطاً في القدرة على مقاومة تأثر الجسم بالميكروبات، وكذلك أقل سرعة في المبادرة بالتخلص من الميكروبات، بل حتى أقل تنبهاً إلى دخول الميكروبات إلى الجسم. وهذه الحقائق تفرض على الشخص الكبير في السن ملاحظة الأمر، وبالتالي مراعاة واقع حال قدرات جهاز مناعته، ما يعني ضرورة الحرص على تناول الأطعمة الطازجة بشكل نظيف، والأطعمة المطبوخة بصفة طهي سليمة وكافية.
- المرأة الحامل:
والتغيرات التي تعتري جسم المرأة في خلال فترة الحمل، من نواحي التمثيل الغذائي لتعامل الجسم مع المواد الغذائية التي تتناولها المرأة، ومن نواحي الدورة الدموية، كلها ترفع من احتمالات حصول حالات "التسمم الغذائي" خلال فترة الحمل. والواقع أن "حساسية" المرأة لأنواع الأطعمة لا تختص بـ "اشتهاء" الحامل تناول أطعمة دون أخرى، أي التي "تتوحم" عليها، بل حتى تعامل جهازها الهضمي مع ما تتناوله من أطعمة يتغير كذلك، وبالإضافة إلى الشكوى من الحموضة ومن الإمساك ومن الغازات، ترتفع احتمالات المعاناة من تناول الأطعمة الملوثة بالميكروبات أو المواد الكيميائية الضارة. والضرر قد لا يقتصر على الحامل نفسها، بل ثمة أنواعاً من ميكروبات الطعام التي قد تخترق المشيمة، عبر الدم مثلاً، وتصل إلى الجنين. ولذا فإن من أوليات تغذية الحامل، إضافة إلى تناول الأغذية المفيدة والطازجة، الاهتمام بنظافة الطعام وطهيه بشكل كافي وسليم.
- الأطفال الصغار والرُضّع :
وبديهي أن جهاز مناعة هؤلاء الأطفال الصغار غير قادر على مقاومة التأثر المرضي بأنواع الميكروبات المختلفة، حال تلويثها لما يتناولوه من أطعمة أو مشروبات. ويستغرق الأمر وقتاً كي تتكون قدرات لدى جهاز مناعة الطفل بإمكانها ملاحظة دخول الميكروبات في وقت مبكر من العدوى بها، والبدء بمحاربة الميكروبات تلك.
- الاصابة بالأمراض المزمنة :
مثل مرض السكري أو فشل الكبد أو فشل الكلى أو ضعف القلب، كلها عوامل تُؤدي إلى تدني قدرات جهاز مناعة الجسم. كما أن بعض الأمراض تتطلب المعالجة بأدوية قد تُؤثر بشكل سلبي على قدرات جهاز مناعة الجسم، كمرضى الربو أو التهابات المفاصل أو مرضى السرطان الذين يتلقون علاجاً كيميائياً. وهناك من الحالات المرضية التي قد تتطلب زراعة أحد الأعضاء، ما يتبعه تلقائياً وضع المريض على نظام تناول أدوية "خفض نشاط جهاز مناعة الجسم"، وبالمحصلة يكون هؤلاء الأشخاص عُرضة للتأثر بحالات "التسمم الغذائي" بشكل أبلغ من غيرهم، ممن هم في نفس مقدار العمر.
د. عبير مبارك
التسمم الغذائي
لماذا نهتم بالاحياء الدقيقة؟
ما هي الامراض المنقولة عن طريق الأغذية
كيف استطيع التعامل بشكل آمن مع الأغذية ؟