سلمان الفارسي ( المحمدي) رضي الله عنه
اسمه وكنيته ونسبه :
أبو عبد الله ، سلمان بن عبد الله الفارسي ، ولقّب بسلمان المحمّدي .
أخباره :
من أهل بلاد فارس ، قرأ أخبار الأديان ، وسافر إلى الحجاز ، ويعدّ من السابقين الأوّليين إلى الإسلام ، كما شهد مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بدراً .
حظي سلمان بمراقي الشرف والكرامة ، لموالاته للنبي وآله ( عليهم السلام ) ، فكان أحد الأركان الأربعة مع عمّار والمقداد وأبي ذر ، وكان أحد الماضين على منهاج نبيّهم ( صلى الله عليه وآله ) من جماعة الصحابة الأبرار الأتقياء ، الذين لم يبدّلوا تبديلاً .
أقوال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فيه : نذكر منها ما يلي :
1ـ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( لو كان الدين عند الثُريَّا لناله سلمان ) ، (2) .
2ـ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( سلمان منَّا أهل البيت ) ، (3) .
3ـ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( سلمان منِّي ، مَن جفاه فقد جَفَاني ، ومَن آذاهُ فقد آذاني ) ، (4) .
4ـ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( الجنّة تشتاق إليك ـ يا علي ـ وإلى عمّار ، وسلمان ، وإبي ذر ، والمقداد ) ، (5) .
أقوال الأئمة ( عليهم السلام ) فيه :
نذكر منهم ما يلي :
1ـ قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( أدرك سلمان العِلمَ الأوّل والآخر ، وهو بَحرٌ لا ينزح ، وهو منّا أهل البيت ) ، (6) .
2ـ قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( لا تَقُل : سَلمان الفَارِسي ، ولكن قل : سلمان المُحمَّدي ) ،(7) .
3ـ روي أنّ سلمان الفارسي كان محدّثاً فسئل الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن ذلك ، وقيل له : من كان يحدّثه ؟ فقال : ( رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين ، وإنّما صار محدّثاً دون غيره ممّن كان يحدّثانه ، لأنّهما كانا يحدّثانه بما لا يحتمله غيره من مخزون علم الله ومكنونه ) ، (8) .
4ـ قال الإمام الكاظم ( عليه السلام ) : ( إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه ؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر ... ثم ينادى ساير الشيعة مع ساير الأئمّة ( عليهم السلام ) يوم القيامة ، فهؤلاء المتحورة أوّل السابقين ، وأول المقرّبين ، وأوّل المتحوّرين من التابعين ) ، (9) .
كان سلمان أحد الذين بقوا على أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد وفاته ، وكان من المعترضين على صرف الأمر عن علي ( عليه السلام ) إلى غيره ، وله احتجاجات على القوم في هذا المجال ، هو وأُبَيّ بن كعب .
رأيه في حفر الخندق :
أشار سلمان على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بحفر الخندق لما جاءت الأحزاب ، فلمّا أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بحفره ، احتج المهاجرون والأنصار في سلمان ، وكان رجلاً قوياً ، فقال المهاجرون : سلمان منّا ، وقال الأنصار : سلمان منّا ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( سلمان منّا أهل البيت ) .
وفي ذلك يقول أبو فراس الحمداني :
كانت مودة سلمان لهم رحما ** ولم يكن بين نوح وابنه رحم
ولمّا رأى المشركون الخندق قالوا : هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها ، فقيل لهم : هذا من الفارسي الذي معه .
توليه المدائن :
تولّى سلمان المحمّدي المدائن في خلافة عمر بن الخطّاب بأمر الإمام علي ( عليه السلام ) تقية .
ممّن روى عنهم :
نذكر منهم ما يلي :
النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ، الإمام علي ( عليه السلام ) .
الراوون عنه : نذكر منهم ما يلي :
سُليم بن قيس الهلالي ، أبو الأغر ، أبو سعيد الخدري .
قال الإمام علي ( عليه السلام ) : ( خلقت الأرض لسبعة بهم يرزقون ، وبهم يمطرون ، وبهم ينصرون : أبو ذر وسلمان والمقداد وعمّار وحذيفة وعبد الله بن مسعود ) ، ثمّ قال : ( وأنا إمامهم ، وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة ) .
قال الشيخ الصدوق ( قدس سره ) : معنى قوله : خلقت الأرض لسبعة نفر ، ليس يعني من ابتدائها إلى انتهائها ، وإنّما يعني بذلك أنّ الفائدة في الأرض قدّرت في ذلك الوقت لمن شهد الصلاة على فاطمة ( عليها السلام ) ، وهذا خلق تقدير لا خلق تكوين ، (10) .
وفاته :
توفّي سلمان ( رضي الله عنه ) في الثامن من صفر 34 هـ ، ودفن بالمدائن في جنوب العاصمة بغداد ، وقبره معروف يزار .
تجهيزه :
تولَّى الإمام علي ( عليه السلام ) غسله ، والصلاة عليه ، ودفنه ، وقد جاء من المدينة إلى المدائن من أجل ذلك ، وهذه القضية من الكرامات المشهورة للإمام علي ( عليه السلام ) .
وقد نظم أبو الفضل التميمي هذه الحادثة ، فقال :
سَمعتَ مِنِّي يَسيراً مِن عَجائِبه |
وكُلّ أمرِ عَليٍّ لَمْ يَزَل عَجَبا |
أُدرِيتُ في ليلةٍ سَارَ الوصيُّ إلى |
أرضِ المَدَائِنِ لمَّا أنْ لَهَا طَلَبا |
فَألحَدَ الطُّهرَ سلمَاناً وعَادَ إِلَى |
عراصِ يَثْرِبَ وَالإِصبَاح مَا قَرُبَا |
كَآصِف لَم تَقل أأنت بَلى |
أنا بِحيدر غالٍ أورد الكَذِبا |
---------------------------------------------------------------------------
الهوامش :
1ـ أُنظر : معجم رجال الحديث 9 / 194 ، أعيان الشيعة 7 / 279 .
2ـ الاستيعاب 2 / 636 .
3ـ عيون أخبار الرضا 1/ 70 .
4ـ الاختصاص : 222 .
5ـ الخصال : 303 .
6ـ الاختصاص : 11 .
7ـ بحار الأنوار 22 / 327 .
8ـ علل الشرائع 1 / 183 .
9ـ الاختصاص : 61 .
10ـ الخصال : 361 .
بقلم : محمد أمين نجف .