هل الإمامة جعل إلهي ؟
تراث زاخر
وأمّا قول المستشكل : أين هي أقوال أئمّة الاثني عشرية ؟
فنقول : ما عليك إلاّ بمراجعة يسيرة للتراث الشيعي حتى تجده زاخراً بروايات وتوصيات وتوجيهات أهل البيت (عليهم السلام) في كل المجالات ، ولم تقتصر الاستفادة منها على شيعتهم وأتباعهم فقط ، وإنّما عمّت الفائدة لكل الطوائف الأخرى ، كما تقدّم .
الخلاصة
1 ـ لا ريب أنّ الإمامة جعل إلهي ، كما نصّ على ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى : ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمّهُنّ قَالَ إِنّي جَاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرّيَتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ ) (1) .
2 ـ من خلال الآية السابقة يتضح أنّ منصب الإمامة غير منصب النبوّة ؛ وذلك من خلال دعاء إبراهيم (عليه السلام) الذي طلب هذا المنصب لذرّيته وهو في أواخر عمره الشريف ، مع أنّه كان نبيّاً في بداية حياته .
3 ـ استمرار الإمامة في ذرّية إبراهيم كما في قوله تعالى : ( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) (2) ، وقوله تعالى : ( وَلِكُلّ قَوْمٍ هَادٍ ) (3) ، وممّن ذهب إلى هذا القول من أهل السنّة القندوزي في ينابيع المودّة (4) .
وقد أكّد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على أنّ الهادي من بعده هو علي (عليه السلام) .
4 ـ بمقتضي قوله تعالى ( لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ ) (5) ، يتضح أنّ الإمام المنصوب من قبل الله تعالى لابد أن يكون معصوماً ؛ لأنّ الظالم لا ينال هذا العهد الإلهي ، ومن المعلوم أنّ المذنب والعاصي ولو مرة في حياته فهو ظالم لنفسه ، فلا يشمله العهد الإلهي .
5 ـ إنّ منصب الإمامة شامل لكل المناصب القيادية التي ترتبط بهداية الناس من المرجعية الدينية والفكرية والاجتماعية والسياسية والقضائية ونحوها ، كما هو الحال في رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذي شغل جميع المناصب القيادية ، وعلى هذا الضوء فليس من الصحيح اختزال دور الإمام في القيادة السياسية فحسب ، وهذه نقطة مهمّة جداً في معرفة الإمام .
6 ـ ممّا تقدم يتضح أن إقصاء أهل البيت (عليهم السلام) عن موقعهم وقيادتهم للجانب السياسي لا يعني تخلّيهم عن دور الإمامة ؛ لأنّ الإمامة لا يمكن أن تزول ؛ لكونها جعلاً إلهيّاً ، فهي ذات أدوار ومناصب متعددة في كل المجالات القيادية في الأمة ، كالجانب العلمي وجانب الهداية ونحوها ، وممّا يشهد لذلك ما خلّفوه (عليهم السلام) من تراث ضخم جداً في مختلف العلوم على الرغم من شدّة وقساوة الظروف التي عاشوها .
7 ـ وردت شهادات كثيرة جداً من أعلام السنّة في حق أهل البيت (عليهم السلام) تبيّن أفضليتهم وأعلميتهم بين الأمة ، وأنّ لهم دوراً كبيراً في هداية وتوعية الأمة .
------------------------------------------------------------------
الهوامش:
(1) البقرة : 124 .
(2) الزخرف : 28 .
(3) الرعد : 7 .
(4) ينابيع المودّة ، القندوزي : ج 1 ص 353 ـ 354 ، ج 2 ص 248 ـ 249 .
(5) البقرة: 124 .
أقوال علماء السنّة في حق أهل البيت (عليهم السلام)10
أقوال علماء السنّة في حق أهل البيت (عليهم السلام)9
أقوال علماء السنّة في حق أهل البيت (عليهم السلام)8