قول أهل الذكر بخصوص أهل البيت
يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو سيد العترة: تالله لقد عَلِمتُ تبليغ الرسالات، وإتمام العدات وتمام الكلمات وعندنا أهل البيت أبواب الحكم وضياء الأمر (1).
أين الذين زعموا أنهم الرّاسخون في العلم دوننا، كذباً وبغياً علينا أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى، إنّ الأئمة من قريش غُرسوا في هذا البطن من هاشم لا تصلح على سواهم ولا تصلح الوّلاة من غيرهم (2).
نحن الشّعار والأصحاب، والخزنة والأبواب، لا تؤتى البيوت إلاّ من أبوابها فمن أتاها من غير أبوابها سمّي سارقاً. ثم يذكر أهل البيت فيقول: فيهم كرائم القرآن، وهم كنوز الرحمن، إن نطقوا صدقوا، وغن صمتوا لم يسبقوا (3).
هم عيش العلم وموت الجهل، يخبركم حلمهم عن علمهم، وصمتهم عن حكم منطقهم، لا يخالفون الحقُّ ولا يختلفون فيه، هم دعائم الإسلام وولائج الإعتصام، بهم عاد الحقُّ في نصابه، وانزاح الباطل عن مقامه وانقطع لسانه عن منبته عقلوا الدّين عقل وعايةٍ ورعاية، لا عقل سماع ورواية، فإنّ رواة العلم كثيرٌ ورعاته قليل (4).
عترته خير العتر وأسرته خير الأسر وشجرته خير الشّجر نبتت في حرم وبسقت في كرم لها فروع طوال وثمرة لا تنال.
نحن شجرة النّبوة، ومحطّ الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعادن العلم، وينابيع الحكم، ناظرنا ومحبّنا ينتظر الرحمة، وعدوّنا ومبغضنا ينتظر السطوة (5).
نحن النجباء، وأفرطنا أفراط الأنبياء، وحزبنا حزب الله عزّ وجلّ، والفئة الباغية حزب الشيطان، ومن سوّى بيننا وبين عدوّنا فليس منّا.
فأين تذهبون وأنّى تؤفكون؟ والأعلام قائمة والآيات واضحة، والمنار منصوبةٌ فأين يتاه بكم، بل كيف تعمهون وبينكم عترة نبيّكم وهم أزمّة الحقّ، وأعلام الدّين، وألسنة الصّدق، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن وردُوهم ورود الهيم العطاش.
أيها الناس خذوها من خاتم النبيين (صلّى الله عليه وآله): إنّه يموت من مات منّا وليس بميّت، ويبلى من بلي منّا وليس ببال، فلا تقولوا بما لا تعرفون فإنّ أكثر الحقّ فيما تنكرون، واعذروا من لا حجة لكم عليه وأنا هو، ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر، وأترك فيكم الثقل الأصغر وركزت فيكم راية الإيمان (6).
انظروا أهل بيت نبيّكم فألزموا سمتهم وأتبعوا أثرهم فلن يخرجوكم من هدى، ولن يعيدوكم في ردى، فإن لبدوا فالبدوا، وإن نهضوا فانهضوا، ولا تسبقوهم فتضلّوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا (7).
هذه أقوال الإمام علي (عليه السلام) بخصوص العترة الطاهرة الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً.
ولو تتّبعنا أقوال الأئمة من بنيه (عليهم السلام) والذين خطوا في النّاس، أمثال الإمام الحسن، والإمام الحسين، وزين العابدين وجعفر الصّادق والإمام الرضا (عليهم السلام) أجمعين لوجدناهم يقولون نفس الكلام ويرمون نفس المرمى، ويرشدون الناس في كل عصر ومصر إلى كتاب الله وعترة الرسول (صلّى الله عليه وآله) لينقذوهم من الضّلالة ويدخلوهم في الهداية.
أضف إلى ذلك بأنّ التاريخ خير شاهد على عصمة أهل البيت فلم يسجّل لهم إلاّ العلم والتقوى والورع والزهد، والجود والكرم والحلم والمغفرة، وكل عمل يحبّه الله ورسوله (صلّى الله عليه وآله).
كما أنّ التاريخ خير شاهد على أنّ الصالحين من هذه الأمّة والزهّاد من رجال الصوفية ومشايخ الطرق وأئمة المذاهب والمصلحين من العلماء القدامى والمعاصرين كلّ هؤلاء يقرّون بأفضليتهم وتقدّمهم علماً وعملاً وأخصّهم برسول الله قربى وشرفاً.
ولكل هذا فلا ينبغي لمسلم أن يخلط أهل البيت (الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً والذين أدخلهم الرسول معه تحت الكساء) بنساء النبيّ (صلّى الله عليه وآله).
ألا ترى أنّ أئمة المحدّثين أمثال مسلم والبخاري والترمذي والإمام أحمد والنسائي وغيرهم عندما يخرجون أحاديث الفضائل في كتبهم وصحاحهم يفصلون فضائل أهل البيت عمّن سواهم من نساء النبيّ (8).
كما جاء في صحيح مسلم في باب فضائل عي بن أبي طالب قوله عن زيد بن أرقم أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال:
«ألا وأنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما كتاب الله عزّ وجلّ هو حبل الله من اتّبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة» ثم قال «وأهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي»
فقلنا من أهل بيته نساؤه؟ قال: «لا وأيمّ الله إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدّهر ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده (9).
كما جاءت شهادة البخاري ومسلم في أن عائشة من آل أبي بكر وليست من آل النبي. في حادثة نزول آية التيمّم (10).
فلماذا هذا الإصرار من بعض المعاندين الذين يحاولون بكل ثمن إحياء الفتنة وتقليب الحقائق التي لا شكّ فيها.
فيسبّون الشيعة لا لشيء إلاّ لأنهم لا يعترفون لأمّ المؤمنين بهذه الفضيلة، فلماذا لا يسبّون صحاحهم وعلماءهم الذين أخرجوا نساء النبي بأجمعهن من أهل البيت. «يا أيها الذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديداً، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً» [سورة الأحزاب: الآية 71].
الهوامش:
1- نهج البلاغة شرح محمد عبده: 283.
2- نهج البلاغة شرح محمد عبده: 314.
3- نهج البلاغة شرح محمد عبده: 330.
4- نهج البلاغة شرح محمد عبده: 508.
5- نهج البلاغة: 2/213.
6- نهج البلاغة: 1/155.
7- نهج البلاغة: 2/190.
8- صحيح مسلم: 7/130 وما بعدها.
9- صحيح مسلم: 7/123 باب فضائل علي بن أبي طالب.
10- البخاري: 1/86. ومسلم: 1/191.
آليات نقل فكر أهل البيت (عليهم السلام) للساحة الإسلامية
التطور والإبداع عن الشيعة الإمامية
الشيعة عبر القرون
موقف أهل البيت العملي من القرآن